البصمة البيئية والمساحة البيئية:
في بداية التسعينات بدأ باحثون في جامعة كولومبيا بقياس مساحة الأرض المطلوبة لتزويد السكان بالمواد، والموارد بشكل عام بناء على معدلات الاستهلاك المتباينة جغرافيا وكذلك قياس المساحة التي يتطلبها امتصاص نفاياتهم. وقد أطلق على هذه الطريقة المبتكرة "البصمة البيئية Ecological Footprint وتقاس بالهكتار . وفي بعض البلدان مثل الولايات المتحدة تعتبر البصمة البيئية أكبر من مساحة البلاد نفسها بسبب اعتمادها الكامل على الواردات أو بسبب الاستغلال الجائر لمصادرها وقدراتها على امتصاص النفايات. وقد خرج الباحثون في الجامعة بنتيجة تؤكد أن الموارد المطلوبة لتأمين مستوى معيشة مثل الذي يتمتع به المواطن الأميركي أو الكندي لكل سكان العالم يتطلب ثلاث كرات أرضية أخرى مثل التي نعيش عليها. وتؤكد هذه الدراسات أن البصمة البيئية للولايات المتحدة لوحدها تستحوذ على أكثر من 20% من المساحة الكلية لكوكب الأرض.
من أبرز المفاهيم التي طورها الفكر الاقتصادي الأوروبي المستدام مؤخرا، مفهوم "المساحة البيئية Environmental Space والذي يرتبط إلى حد ما ما مع مفهوم البصمة البيئية، إلا انه يستخدم في تحديد الحصة العادلة لكل دولة في العالم من الموارد الطبيعية ومدى تجاوزها لهذه الحصة، ويقوم بتحليل معيار العدالة البيئية في ذلك. وهذا ما أدى أيضا إلى تطور مفهوم المديونية البيئية Ecological Debt
ومن ابرز المحاولات في هذا الصدد ما قام به الباحثون الألمان في معهد فوبرتال للبيئة والمناخ في الدراسة الشهيرة " تخضير الشمال" والتي قدم فيها المعهد خلاصة لنتائج أبحاثه في كيفية انتقال المجتمعات الأوروبية إلى الاستدامة، وطور من خلال الدراسة مفهوم المساحة البيئية. وينطلق المفهوم من حقيقة أن معظم السياسات البيئية في العالم قد ركزت في عملها على تقليل انبعاث الملوثات من الأنشطة الاقتصادية وحققت نجاحا ملحوظا خاصة في أوروبا الغربية. وتركز الدراسة الألمانية على دورة حياة السلعة الإنتاجية من كونها مادة خام ومن ثم مرورها بعمليات الإنتاج وأخيرا انبعاث المخلفات إلى البيئة. أما المساحة البيئية نفسها فتشير إلى المساحة من الأرض التي يمكن استغلالها بدون إحداث ضرر نهائي لا يمكن تصليحه في عناصرها الأساسية. ويعني المفهوم بالتالي القدرة الاستيعابية للأرض والموارد الطبيعة على دعم النشاطات الاقتصادية ويركز على الحدود الاستثمارية لها. وتؤكد الدراسة أن الدول الصناعية قد تجاوزت بكثير المساحات البيئية المحددة لها طبيعيا بينما لا تزال الدول النامية غير قادرة على الوصول إلى استغلال المساحة البيئية التي تستحقها، وهذا ما يؤكد عدم وجود عدالة بيئية في استثمار الموارد الطبيعية.
التكاليف الاجتماعية والبيئية مقابل الأرباح الاقتصادية
إن الفهم الحقيقي لدورة الوظائف الطبيعية وتقدير الخدمات التي تقدمها الطبيعة هو الخطوة الأولى نحو تغيير السياسات التنموية والاقتصادية التي تستنزف الموارد بدون أن تدخل هذا الاستنزاف ضمن الموازنات والمحاسبات الوطنية والتي لا تعير اهتماما لوظائف دعم الحياة التي تقدمها الأنظمة الطبيعية. وعندما ينظر إلى سلع الطبيعة على أنها سلع مجانية، وبالتالي لا تزيد قيمتها عن الصفر، فإن قوانين السوق عندها تشير بأن سلع وخدمات الطبيعة ليست لها قيمة اقتصادية إلا إذا تحولت إلى أشياء أخرى غير ذلك. وعلى سبيل المثال، فإن الأرباح التي تجنى من تحطيب غابة ما وقطع اشجارها تحتسب كإضافة في دفاتر حسابات الدولة المعنية. أما الخسائر الناجمة عن نضوب مخزون الأخشاب وانجراف التربة وتجمعات المياه فإنها لا تخصم من الحساب. ومن الواضح أن تكاليف التردي البيئي وفقدان خدمات الأنظمة البيئية هي من الأمور الخارجية Externalities في الحسابات الاقتصادية: فالأضرار الناجمة عن بقعة نفط كبيرة لا تخصم من إجمالي الناتج المحلي للدول المعنية، أما المبالغ التي تنفق على التنظيف وعلى تغطية التأثيرات الصحية فهي تحسب كإضافات على الاقتصاد القومي.
وثمة مشكلة اقتصادية كبيرة هي أن الفوائد المالية التي تتحقق من استعمال الموارد الطبيعية إنما يجنيها الأفراد أو المؤسسات الخاصة، في الوقت الذي تتوزع تكاليف الخسارة على المجتمع بعامة. ويطلق علماء ااقتصاد على هذا النوع من الخسارة مصطلح تكاليف التكيف الاجتماعي Socializing Costs . وبعبارة بسيطة، يجري احتساب التكاليف والفوائد الخاصة، أما التكاليف الاجتماعية والبيئية التي تتحملها الأجيال الحالية والمستقبلية فهي أمر خارجي لا يدخل في الحسابات أي أن الناس الذين يجنون الفوائد هم غير الذين يدفعون التكاليف ولذلك فلا توجد حوافز، أو روادع أمام الذين يستنزفون أي مورد من الموارد الطبيعية لكي يستخدمونه بحكمة ومن أجل المنفعة العامة.
إن تحديد سعر ثابت دقيق لموارد الطبيعة عن طريق "إدخال التكاليف الخارجية" Internalizing External Costs في التكاليف الاقتصادية الداخلية يعتبر خطوة هامة وهذا ما يتطلب أيضا تطوير أدوات وآليات اقتصادية قادرة على احتساب تكاليف وقيم السلع والخدمات الطبيعية بالإضافة إلى القيم الروحية والثقافية والجمالية للطبيعة وهي التي من الصعب بالفعل قياسها.
ولكن فشل سياسات السوق والعولمة لا يعتبر هو وحده المسؤول عن سوء تقدير وسوء استخدام الموارد الطبيعية وخدمات الطبيعة. فالناس هم الذين يصممون الأسواق والمؤشرات الاقتصادية وهم الذين يقررون كيفية استخدامها. وفي كثير من الأحيان، يستمر الاستخدام غير المستدام وغير المنطقي للموارد حتى مع وجود الدليل على أن ذلك غير مستدام بيئيا واقتصاديا واجتماعيا وذلك لأن المصالح الاقتصادية القوية قادرة على تشكيل سياسات الحكومات بالوسائل القانونية وغير القانونية من خلال الفساد والمحاباة والتمييز.
وفي كوستاريكا وهي إحدى دول أميركا الوسطى الغنية بالموارد، شجع الخبراء الاقتصاديون في السبعينات هذه الدولة على تعزيز نموها الاقتصادي من خلال تصدير لحوم الأبقار والأخشاب إلى الأسواق العالمية. وتم تأمين الاستثمارات اللازمة وقطعت الأشجار وتحولت الغابات إلى مزارع ونما دخل كوستاريكا بصورة كبيرة وقيل بأنها قد حققت معجزة اقتصادية. ولكن بعد مرور 30 سنة تبين أن الموارد الطبيعية في البلاد قد انخفضت قيمتها بنحو 4 مليارات دولار بسبب إزالة الغابات وانجراف التربة وفقدان المراعي خصوبتها جراء الرعي الجائر والأضرار التي لحقت بمصائد الأسماك، وكان المال الذي مسبته كوستاريكا لا يوازي كلفة الضرر البيئي الناجم. وها هي البلاد الآن تعاني من نضوب في الموارد وأضرار بيئية من شأنها أن تخفض إمكانات التنمية في المستقبل بنسبة 30%.
كيف تقاس الموارد الطبيعية؟
ليس بوسع كل فرد أن يضع نفس القيمة التي يقدرها الآخرون للسلع والخدمات البيئية، كما أن القيمة الفعلية لهذه السلع تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف البيئية والاقتصادية. كما أن الناس لا يتحملون تكاليف وعواقب خسارتها بنفس المستوى فالطبيعة لها أيضا قيم مختلفة عند مجتمعات مختلفة. ففي غابة ما، قد يستفيد مجتمع ما من وظيفة تكوين الأخشاب في الأشجار وقد يستفيد مجتمع آخر من دور الغابات في الحفاظ على المستجمعات المائية. ورغم أنه من غير المحتمل أن يتم احتساب القيمة الكلية لخدمات الأنظمة البيئية وفق التعابير الاقتصادية، إلا أن سياسات السوق يمكن أن تفعل ما هو أفضل لو أدخلت قيم الطبيعة وكل أولئك الذين تهمهم هذه القيم في حساباتها فمن الواضح أن الأدوات الاقتصادية الحالية غير مناسبة لقياس المصالح البيئية والإنسانية على حد سواء.
إن مؤشر إجمالي الناتج المحلي GDP لا يميز بين المعاملات الاقتصادية التي تضيف إلى الرفاه العام وتلك التي تؤدي إلى إضعافه. ونتيجة لذلك فإن إجمالي الناتج المحلي يخفي ورائه انهيار البنية الاجتماعية والموارد الطبيعية، والأسوأ من ذلك أنه يصور هذا التدهور بأنه مكسب اقتصادي. ففي الوقت الذي ظل فيه الناتج المحلي يرتفع عالميا في العقود الأخيرة، إلا أن توزيع الدخل أصبح أقل عدالة وازداد عدد الفقراء في العالم وتفاقم النقص في التنوع الحيوي وزاد فقدان خدمات الطبيعة. ولا بد بالتالي من إدخال قيم السلع اللا سوقية التي تقدمها الطبيعة وخدمات الأنظمة البيئية وكذلك العمل غير المأجور في البيوت والمجتمعات في الحسابات الاقتصادية وفي مؤشرات الأداء.
ويجري حاليا تطوير مؤشرات جديدة للأداء لإعطاء تقديرات أكثر دقة للرفاه والتنمية، وخاصة في مجالات الاقتصاد البيئي أو الايكولوجي والذي يحاول تقديم نموذج لبديل اقتصادي في المؤشرات يتم الاستعاضة به عن النماذج التقليدية التي طورتها مؤسسات العولمة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتسببت في إعطاء المزيد من الاهتمام للنمو الاستهلاكي على حساب التنمية المستدامة.
في بداية التسعينات بدأ باحثون في جامعة كولومبيا بقياس مساحة الأرض المطلوبة لتزويد السكان بالمواد، والموارد بشكل عام بناء على معدلات الاستهلاك المتباينة جغرافيا وكذلك قياس المساحة التي يتطلبها امتصاص نفاياتهم. وقد أطلق على هذه الطريقة المبتكرة "البصمة البيئية Ecological Footprint وتقاس بالهكتار . وفي بعض البلدان مثل الولايات المتحدة تعتبر البصمة البيئية أكبر من مساحة البلاد نفسها بسبب اعتمادها الكامل على الواردات أو بسبب الاستغلال الجائر لمصادرها وقدراتها على امتصاص النفايات. وقد خرج الباحثون في الجامعة بنتيجة تؤكد أن الموارد المطلوبة لتأمين مستوى معيشة مثل الذي يتمتع به المواطن الأميركي أو الكندي لكل سكان العالم يتطلب ثلاث كرات أرضية أخرى مثل التي نعيش عليها. وتؤكد هذه الدراسات أن البصمة البيئية للولايات المتحدة لوحدها تستحوذ على أكثر من 20% من المساحة الكلية لكوكب الأرض.
من أبرز المفاهيم التي طورها الفكر الاقتصادي الأوروبي المستدام مؤخرا، مفهوم "المساحة البيئية Environmental Space والذي يرتبط إلى حد ما ما مع مفهوم البصمة البيئية، إلا انه يستخدم في تحديد الحصة العادلة لكل دولة في العالم من الموارد الطبيعية ومدى تجاوزها لهذه الحصة، ويقوم بتحليل معيار العدالة البيئية في ذلك. وهذا ما أدى أيضا إلى تطور مفهوم المديونية البيئية Ecological Debt
ومن ابرز المحاولات في هذا الصدد ما قام به الباحثون الألمان في معهد فوبرتال للبيئة والمناخ في الدراسة الشهيرة " تخضير الشمال" والتي قدم فيها المعهد خلاصة لنتائج أبحاثه في كيفية انتقال المجتمعات الأوروبية إلى الاستدامة، وطور من خلال الدراسة مفهوم المساحة البيئية. وينطلق المفهوم من حقيقة أن معظم السياسات البيئية في العالم قد ركزت في عملها على تقليل انبعاث الملوثات من الأنشطة الاقتصادية وحققت نجاحا ملحوظا خاصة في أوروبا الغربية. وتركز الدراسة الألمانية على دورة حياة السلعة الإنتاجية من كونها مادة خام ومن ثم مرورها بعمليات الإنتاج وأخيرا انبعاث المخلفات إلى البيئة. أما المساحة البيئية نفسها فتشير إلى المساحة من الأرض التي يمكن استغلالها بدون إحداث ضرر نهائي لا يمكن تصليحه في عناصرها الأساسية. ويعني المفهوم بالتالي القدرة الاستيعابية للأرض والموارد الطبيعة على دعم النشاطات الاقتصادية ويركز على الحدود الاستثمارية لها. وتؤكد الدراسة أن الدول الصناعية قد تجاوزت بكثير المساحات البيئية المحددة لها طبيعيا بينما لا تزال الدول النامية غير قادرة على الوصول إلى استغلال المساحة البيئية التي تستحقها، وهذا ما يؤكد عدم وجود عدالة بيئية في استثمار الموارد الطبيعية.
التكاليف الاجتماعية والبيئية مقابل الأرباح الاقتصادية
إن الفهم الحقيقي لدورة الوظائف الطبيعية وتقدير الخدمات التي تقدمها الطبيعة هو الخطوة الأولى نحو تغيير السياسات التنموية والاقتصادية التي تستنزف الموارد بدون أن تدخل هذا الاستنزاف ضمن الموازنات والمحاسبات الوطنية والتي لا تعير اهتماما لوظائف دعم الحياة التي تقدمها الأنظمة الطبيعية. وعندما ينظر إلى سلع الطبيعة على أنها سلع مجانية، وبالتالي لا تزيد قيمتها عن الصفر، فإن قوانين السوق عندها تشير بأن سلع وخدمات الطبيعة ليست لها قيمة اقتصادية إلا إذا تحولت إلى أشياء أخرى غير ذلك. وعلى سبيل المثال، فإن الأرباح التي تجنى من تحطيب غابة ما وقطع اشجارها تحتسب كإضافة في دفاتر حسابات الدولة المعنية. أما الخسائر الناجمة عن نضوب مخزون الأخشاب وانجراف التربة وتجمعات المياه فإنها لا تخصم من الحساب. ومن الواضح أن تكاليف التردي البيئي وفقدان خدمات الأنظمة البيئية هي من الأمور الخارجية Externalities في الحسابات الاقتصادية: فالأضرار الناجمة عن بقعة نفط كبيرة لا تخصم من إجمالي الناتج المحلي للدول المعنية، أما المبالغ التي تنفق على التنظيف وعلى تغطية التأثيرات الصحية فهي تحسب كإضافات على الاقتصاد القومي.
وثمة مشكلة اقتصادية كبيرة هي أن الفوائد المالية التي تتحقق من استعمال الموارد الطبيعية إنما يجنيها الأفراد أو المؤسسات الخاصة، في الوقت الذي تتوزع تكاليف الخسارة على المجتمع بعامة. ويطلق علماء ااقتصاد على هذا النوع من الخسارة مصطلح تكاليف التكيف الاجتماعي Socializing Costs . وبعبارة بسيطة، يجري احتساب التكاليف والفوائد الخاصة، أما التكاليف الاجتماعية والبيئية التي تتحملها الأجيال الحالية والمستقبلية فهي أمر خارجي لا يدخل في الحسابات أي أن الناس الذين يجنون الفوائد هم غير الذين يدفعون التكاليف ولذلك فلا توجد حوافز، أو روادع أمام الذين يستنزفون أي مورد من الموارد الطبيعية لكي يستخدمونه بحكمة ومن أجل المنفعة العامة.
إن تحديد سعر ثابت دقيق لموارد الطبيعة عن طريق "إدخال التكاليف الخارجية" Internalizing External Costs في التكاليف الاقتصادية الداخلية يعتبر خطوة هامة وهذا ما يتطلب أيضا تطوير أدوات وآليات اقتصادية قادرة على احتساب تكاليف وقيم السلع والخدمات الطبيعية بالإضافة إلى القيم الروحية والثقافية والجمالية للطبيعة وهي التي من الصعب بالفعل قياسها.
ولكن فشل سياسات السوق والعولمة لا يعتبر هو وحده المسؤول عن سوء تقدير وسوء استخدام الموارد الطبيعية وخدمات الطبيعة. فالناس هم الذين يصممون الأسواق والمؤشرات الاقتصادية وهم الذين يقررون كيفية استخدامها. وفي كثير من الأحيان، يستمر الاستخدام غير المستدام وغير المنطقي للموارد حتى مع وجود الدليل على أن ذلك غير مستدام بيئيا واقتصاديا واجتماعيا وذلك لأن المصالح الاقتصادية القوية قادرة على تشكيل سياسات الحكومات بالوسائل القانونية وغير القانونية من خلال الفساد والمحاباة والتمييز.
وفي كوستاريكا وهي إحدى دول أميركا الوسطى الغنية بالموارد، شجع الخبراء الاقتصاديون في السبعينات هذه الدولة على تعزيز نموها الاقتصادي من خلال تصدير لحوم الأبقار والأخشاب إلى الأسواق العالمية. وتم تأمين الاستثمارات اللازمة وقطعت الأشجار وتحولت الغابات إلى مزارع ونما دخل كوستاريكا بصورة كبيرة وقيل بأنها قد حققت معجزة اقتصادية. ولكن بعد مرور 30 سنة تبين أن الموارد الطبيعية في البلاد قد انخفضت قيمتها بنحو 4 مليارات دولار بسبب إزالة الغابات وانجراف التربة وفقدان المراعي خصوبتها جراء الرعي الجائر والأضرار التي لحقت بمصائد الأسماك، وكان المال الذي مسبته كوستاريكا لا يوازي كلفة الضرر البيئي الناجم. وها هي البلاد الآن تعاني من نضوب في الموارد وأضرار بيئية من شأنها أن تخفض إمكانات التنمية في المستقبل بنسبة 30%.
كيف تقاس الموارد الطبيعية؟
ليس بوسع كل فرد أن يضع نفس القيمة التي يقدرها الآخرون للسلع والخدمات البيئية، كما أن القيمة الفعلية لهذه السلع تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف البيئية والاقتصادية. كما أن الناس لا يتحملون تكاليف وعواقب خسارتها بنفس المستوى فالطبيعة لها أيضا قيم مختلفة عند مجتمعات مختلفة. ففي غابة ما، قد يستفيد مجتمع ما من وظيفة تكوين الأخشاب في الأشجار وقد يستفيد مجتمع آخر من دور الغابات في الحفاظ على المستجمعات المائية. ورغم أنه من غير المحتمل أن يتم احتساب القيمة الكلية لخدمات الأنظمة البيئية وفق التعابير الاقتصادية، إلا أن سياسات السوق يمكن أن تفعل ما هو أفضل لو أدخلت قيم الطبيعة وكل أولئك الذين تهمهم هذه القيم في حساباتها فمن الواضح أن الأدوات الاقتصادية الحالية غير مناسبة لقياس المصالح البيئية والإنسانية على حد سواء.
إن مؤشر إجمالي الناتج المحلي GDP لا يميز بين المعاملات الاقتصادية التي تضيف إلى الرفاه العام وتلك التي تؤدي إلى إضعافه. ونتيجة لذلك فإن إجمالي الناتج المحلي يخفي ورائه انهيار البنية الاجتماعية والموارد الطبيعية، والأسوأ من ذلك أنه يصور هذا التدهور بأنه مكسب اقتصادي. ففي الوقت الذي ظل فيه الناتج المحلي يرتفع عالميا في العقود الأخيرة، إلا أن توزيع الدخل أصبح أقل عدالة وازداد عدد الفقراء في العالم وتفاقم النقص في التنوع الحيوي وزاد فقدان خدمات الطبيعة. ولا بد بالتالي من إدخال قيم السلع اللا سوقية التي تقدمها الطبيعة وخدمات الأنظمة البيئية وكذلك العمل غير المأجور في البيوت والمجتمعات في الحسابات الاقتصادية وفي مؤشرات الأداء.
ويجري حاليا تطوير مؤشرات جديدة للأداء لإعطاء تقديرات أكثر دقة للرفاه والتنمية، وخاصة في مجالات الاقتصاد البيئي أو الايكولوجي والذي يحاول تقديم نموذج لبديل اقتصادي في المؤشرات يتم الاستعاضة به عن النماذج التقليدية التي طورتها مؤسسات العولمة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتسببت في إعطاء المزيد من الاهتمام للنمو الاستهلاكي على حساب التنمية المستدامة.
الثلاثاء 10 مايو 2016, 00:00 من طرف لمسة حنان
» اختبارات الفترة الرابعة " نهاية الفصل الدراسي الثاني" لجميع الصفوف مع الإجابات النموذجية
الأحد 14 فبراير 2016, 18:22 من طرف أبو كمال
» كتاب مجالس تزكية النفوس
الجمعة 27 نوفمبر 2015, 08:01 من طرف لمسة حنان
» حفظ القلب من الأفكار النفسية
الأربعاء 16 سبتمبر 2015, 01:10 من طرف لمسة حنان
» لماذا أمرنا الله بالتكاليف والطاعات
الثلاثاء 25 أغسطس 2015, 08:47 من طرف لمسة حنان
» ما حكم الحقنة الشرجية للصائم
الإثنين 22 يونيو 2015, 10:39 من طرف لمسة حنان
» الصيام والعلاقة بين العبد والرب
الأربعاء 10 يونيو 2015, 13:02 من طرف لمسة حنان
» كيف صلى النبى صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ولم تكن الصلاة قد فرضت بعد
الأحد 17 مايو 2015, 13:21 من طرف لمسة حنان
» نماذج اختبارات لغة عربية الصف السادس
الإثنين 11 مايو 2015, 21:34 من طرف منصور امين
» هل الإسراء والمعراج كان بالروح أم بالجسد
الثلاثاء 05 مايو 2015, 23:44 من طرف لمسة حنان